الثقافة تنموية

 

فانتازيا برس ـ إيمان الماجري

 من المفهوم الانثروبولوجي الذي بدأت به الدراسات الثقافية في الغرب ، والذي سخر لفهم المجتمعات الاخرى ( المتخلفة) من أجل السيطرة عليها ، أو ان تغلبت حسن النية – من اجل فهم تطور المجتمعات وصيرورتها التاريخية ، تحولت الدراسات الثقافية اليوم إلى المفهوم السياسي .
جاء ذلك بعد الحرب العالمية الثانية ، وكان أشهر الدراسات دراسة بندر دك عن اليابان بعد الحرب الثانية ، التي حاولت فيها ان تفهم احتمالات تطور المجتمع الياباني الى الحديثة انطلاقا من فهم ثقافته
إلا أن التحول في الدراسات الثقافية حدث في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، عندما تحولت الدراسات الثقافية إلى محاولة فهم ، لماذا تنمو بعض المجتمعات في العالم الثالث اقتصاديا ، وخاصة في أمريكا اللاتينية ؟
هنا بدأت فكرة المعوقات الثقافية تظهر إلى السطح وتطرح للدراسة و التمحيص ، والفكرة تقول ان بعض المجتمعات قابلة للنمو الاقتصادي لان عناصر ثقافتها غير ممانعة للتجديد ، وتتخلف مجتمعات لان عناصر في ثقافتها السائدة ممانعة في الغالب للتجديد ، فهي ممانعة لنجاح التنمية في بلادها .
ولان التنمية هي عنصر هام من عناصر الاستقرار، لذا فإن الثقافة السلبية هي الحافز على الفوضى ، وبالتالي (العنف وربما الإرهاب )
هذه النظرية تضع عناصر كثيرة من الثقافة العربية موضع الاتهام ، أنها ثقافة لا تناسب أو لا تساير العصر ، لذا يجب أن تتغير تلك العناصر المقاومة للتنمية
والتنمية هنا بمعناها الشامل ، السياسي والاجتماعي والتربوي والاقتصادي .
عندما نتأمل في جوهر هذه الدراسات الحديثة نجد أن أمامنا أشغالا كبيرة نشتغل بها النظر لثقافتنا العربية المعاصرة ، والتمعن في بعض عناصرها ، من أجل تخليص العناصر الايجابية من السلبية
بمعنى فصل الثابت عن المتحرك من العناصر الثقافية السائدة ، وجعل المتحرك  ،مواكبا للعصر ومتطالبته الحديثة ، واعادة النظر بجدية ومسؤولية في الثابت ، وتمحيص الصالح منه للعصر وتجاوز غير الصالح . ذلك السؤال الكبير الذي ينتظر العاملين الجادين في الحقل الثقافي العربي .

imenmejri719@yahoo.fr

0021620203958

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *