في المغرب أقلام فرنكفونية بتاء التأنيث

 

فانتازيا برس – إيمان الماجري

لم تكن الفورة الإبداعية التي عرفها ” المغرب ” خلال القرن العشرين خاصة حكرا على الأدباء الذكور بل ، و هذه ميزتها الأهم في نظر الكثير من الملاحظين ، أتاحت إمكانيات هائلة لبروز أدب نسائي (مع كل التحفظات التي يثيرها هذا الاصطلاح) . فيما مضى كانت الأصوات النسائية تعلو من خلال الشخوص الروائية الإناث التي يتفضل الكتاب بإتاحة الفرصة لها لإطلاق آهاتها في مواجهة ضغوطات المجتمع الأبوي الذكوري ” حرودة ” في رواية بنفس العنوان لطاهر بن جلون ..الأم في رواية ” الحضارة ..أمي ” لإدريس الشرايبي حيث نجد شخصية الأم تكسر قيد الجهل والخنوع لتعانق سماء التحرر من خلال مساهمتها في النضال من أجل استقلال المغرب .
ومع مطلع القرن الواحد والعشرين وجد معطى لا يمكن إغفاله في المشهد الثقافي المغربي والمتمثل في بروز أقلام بتاء التأنيث لا يقتصر همها على الكتابة في الشرط النسائي من خلال الصياغة الإبداعية لمعاناة المرأة والمعالجة البلاغية لجدول مطالب الحركة التحررية المتعددة الأصوات الدائرة حول إحدى أهم القضايا قيد الدرس في المجتمع المغربي.
بل تتعدى ذلك إلى المساهمة الفعلية المتجاوزة للمحدد الإنساني للكتابة في معانقة معاناة الإبداع في أبهى حلله الرواية والشعر. نذكر كأمثلة : ” امرأة بكل بساطة ” لبهاء الطرابلسي ، رواية ترصد مسارات مجتمع في طور الانتقال ، من خلال لمسات فنية تحيل على القضايا السوسيولوجية الأكثر إلحاحية .
” فارسة البارود” لنزهة الفاسي الفهري رواية تدور أحداثها بمدينة فاس عشية الاستقلال . نسيج حكائي لمغامرات عاشقين قدر لهما أن يتلقيا بعد طول فراق .
” سر الجن ” لنادية شفيق ، حكاية رجل ( جبران ) اختار أن يقيم رهينة ببيته إلى أن ماتت خادمته ” مرجانة ” وسيلة اتصاله الوحيدة مع العالم الخارجي ليجد نفسه في مواجهة عنف العالم وسادية الآخرين .
” بعيدا عن الحياء ” لسمية نعمان جسوس ..دراسة متعددة الأبعاد لطبيعة المرأة على أرضية تحقيقات سوسيولوجية ميدانية ..محاولة جريئة في الكتابة بصدد موضوع لا تحبذه البنية الذهنية التي لم تتهيأ بعد لاستقبال أدبيات الروح والكشف الشفاف المطلق لمناطق الظل والمحذور .
ليس هناك إذا من شك في الإمكانيات الواعدة للفضاء الأدبي المغربي الذي لم تشكل القناة اللغوية الفرنسية إلا ممرا لسبر أغوار ذات جماعية مبدعة تتجاوز إشكالية التحديد اللساني للتعبير الفني لتعانق شيئا فشيئا العالمية من خلال الغوص في التفاصيل الغنية لما هو محلي بعيدا عن كل فهم ضيق لمفهوم الهوية في بعدها اللغوي . و تكفي الإشارة بهذا الصدد إلى العمل الأدبي البارز للكاتب محمد شكري الذي اضطرته ظروف النشر إلى إصدار روايته السيرة الذاتية : الخبز الحافي باللغة الفرنسية ( ترجمة طاهر بن جلون ) بفرنسا أول الأمر قبل أن يتم تقبل العمل محليا وباللغة الأصلية العربية ..لتكرس اسم هذا المبدع الخارج عن المتعارف عليه كأحد رموز المشهد الثقافي المغربي بعد أن نال حظا وافرا من الشهرة عبر العالم وبعد من اللغات الحية . ومسك الختام لهذا العرض البانورامي المختزل هذا القول للشاعر المخضرم عبد اللطيف اللعبي ” إن لغة الشاعر هي أولا وأخيرا لغته الخاصة ، اللغة التي يبتدعها ابتداعا في الخضم اللساني لغاية في التنوع .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *