ماذا لو قام كل هؤلاء الموتى !

kouta

فانتازيا برس ـ  إيمان الماجري

لا أدري بالضبط متى بدأت أحب المطالعة والكتب ولكنني أذكر جيدا متى اقتنيت أول كتاب وأذكر لهفتي الكبيرة على قراءته والاحتفاظ به في غرفة النوم . كتاب الأيام ( الجزأين الأول والثاني فقط ) لعميد الأدب العربي طه حسين كان اللبنة الأولى لمكتبة تأسست شيئا فشيئا ..كل ما في البيت يبلى و يذهب على مر الأجيال والسنوات ..إلا الكتب والصور والمذياع ..الكتب هي لذتي في الدنيا ..هي هنا بجانب السرير ..أو هي فوق السرير وعلى الطاولة وعلى الكراسي ..وعلى المنضدة إنها
على الرفوف ..وعلى الأرض ..وفي قاعة الجلوس ..على الأريكة ..وبجانب جهاز التلفزة ..وعلى الفيديو ..إنها أيضا في غرفة النوم ..تنام معي وتصحو قبلي ..ربما تنام على صدري ..أو أنام فوقها .
في سبيل الكتب ألاقي من الغضب ومن الخصام الشيء ولكنها تعطيني معنى الحياة ..وتفسر لي معناها وأسبابها ..إنها جوهر الحياة وروحها ولبها .
ما أروع كلام الأديب محمد الحليوي عندما يقول : وكثيرا ما أقف أمام مكتبي وأقول : لو قام كل هؤلاء الموتى ! لو أطلوا علي ، من وراء الرفوف ! أية مجموعة من الدمامة والقبح لو خرج الفرزدق بوجه كالعجين وبشار بحدقتين حمراوين ناتئتين ، وابن الرومي بصلعة كالقرعة ، وماذا يقع لو بعث هؤلاء صائحين صاخبين والتقى الصاحب بن عباد بأبي حيان والمتنبي بالحاتمي وابن رشيق بابن شرف ، وبديع الزمان بأبي بكر الخوارزمي .
إنه سؤال محير يطرحه محمد الحليوي ولكنه في نفس الوقت يبعث على الاعتزاز والانشراح أن يضم بيتك هؤلاء العمالقة الكبار الذين أسهموا في بناء الثقافة العربية والإنسانية . المكتبة هي عنوان من عناوين العمر وهي صورة من صور الإنسان في الحياة ..بل لعلها خلاصة لوجوده في هذه الحياة . تبدأ المكتبة بكتاب ولكنها تبقى مفتوحة على الدنيا ..لا تغلق أبوابها إلا بذهاب صاحبها .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *