ارفعوا ايديكم عن الطفل السوري

el
نشرت وكالة رويترز دليل الصحافة المهنية أكدت فيه أن المبادىء الصحفية مثل الدقة والمصداقية لا تختص بفن الكتابة فقط بل تتضمن الصحافة الفوتوغرافية والتلفزيونية التي يكون لها في أغلب الأحيان تأثير أكبر من الصحافة المكتوبة، فالصورة لا تحتاج أحيانا إلى التعليق بل إن التعليق قد يقتل معناها ، والصورة أيضا أصدق الأشكال التعبيرية لأنها تختطف اللحظة وتؤرخها من هذا المنطلق لابد أن تلتزم الصحافة الفوتوغرافية أو التلفزيونية بتقديم الحقيقة دون أي انتقاص أو تحريف . ..في أذهاننا صور كثيرة لاتنسي وفيديوهات أربكت العالم وحركت سواكن المنظمات الحقوقية ولكننا لاحظنا في الفترة الأخيرة استغلالا فاحشا للأطفال وخاصة السوريين منهم في لقطات فيديو أو في شكل صور فوتغرافية ثبت في ما بعد افتعالها وتحريفها ، فمنذ فترة قصيرة انتشرت صورة لطفل سوري ينام بين ضريحين قيل إنهما لوالديه اللذين ذهبا ضحية قصف عشوائي من الجيش النظامي ، وأشيع أن الطفل الذي ظل وحيدا ينام بين ضريحي والديه ، ولأن الأمر يرتبط بقصة إنسانية مؤثرة انتشرت الصورة بسرعة في كل أنحاء العالم وخلفت الملايين من التعليقات المؤثرة و المدينة لنظام بشار الأسد لكن بعد أيام ظهرت صورة أخرى للطفل نفسه مستيقظا من نومه المزعوم ، مبتسما وملوحا بيده وقيل إن الصورة الأولى تمت فبركتها بتخطيط مسبق لتثبيت تهمت الوحشية على نظام بشار الأسد . وفي السياق نفسه انتشرت مؤخرا في عدد كبير من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي صورة طفل سوري يعبر الصحراء وحده تاركا أرضه متجها إلى الحدود السورية الأردنية وخلفت الصورة تعليقات كثيرة متعاطفة مع هذا الطفل السوري ومع كل طفل سوري ولكن اتضح بعد ذلك أن الطفل لم يكن بمفرده وإنما كان يسبق أهله ببضع خطوات ..بين أن يكون مع أهله مجبورا على الهروب من سكنه مسافة كبيرة ..لا يعني ذلك أن تهجير عائلة سورية لايؤثر فينا ولكن يؤلمنا أكثر أن نرى طفلا وحيدا في الصحراء عابرا للحدود الجغرافية والعاطفية أيضا ..هو طفل يجب أن يكون في مكان آخر يعيش أحلامه الصغيرة ، و يخطط للآتي بعفوية .. لا يحتاج النظام السوري إلى استغلال الأطفال وفبركة الصور تحايلا على مشاعر الناس لكشف الوجه القبيح لهذا النظام …يعاني الطفل السوري من حرب لاذنب له فيها ، سرقت إحساسه بالأمان وأحلامه الصغيرة وطفولته ..أرغمته على أن يكون لاجئا قبل أن تتحدد المفاهيم في ذهنه ويتشكل وعيه
ولا يجد بعض المصورين حرجا في انتهاك هذا واستغلاله لتحويله إلى مادة إعلامية دسمة ..أين أخلاقيات المهنة ، وأين الأخلاق في كل هذا ؟ أر فعوا أيديكم عن أطفال سوريا ، وحاربوا مايعترضون له من انتهاكات فالصحافة أرقى من أن تكون طرفا في انتهاك المواثيق الدولية التي تجرم استغلال الأطفال ماديا ومعنويا .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *