قنفد النمل ..لغز أستراليا العجيب !

فانتازيا برس ـ  إيمان الماجري

 قنفد النمل ذو المنقار القصير حيوان ثديي صغير جسمه مغطى بالأشواك ، يضع البيض مثل الطيور ، يعيش منفردا و يجيد التخفي ، لا يتحرك بين الأحراش الأسترالية فوق ممرات معتادة ، وليس له جحر يأوي إليه ، ولا يمكن اجتذابه بأصوات معينة أو طعم يغويه إنه واحد من أغرب حيوانات أستراليا .

مع نهاية شهر تموز / يوليو يبدأ عدد من ذكور قنفد النمل في معازلة الأنثى لمدة ثلاثة أسابيع وهي تتجاهلهم تماما ، وأخيرا تكف عن هذا التجاهل وتسمح لواحد فقط أن يقترب منها فيبتعد باقي الذكور و بعد إنتهاء التزاوج تعود الأنثى إلى وحدتها .

وفي مدة تصل إلى واحد وعشرين يوما بعد التزاوج تجد الأنثى نفسها في البحث عن الغذاء مستخدمة مخالبها الأمامية ومنقارها لاستخراج يرقات الخنافس وبيض النمل والحيوانات اللافقارية الصغيرة ، و يخرج لسانها الطويل اللزج ليسحب الطعام إلى فمها حيث تطحنه بين لسانها وسقف فمها ليتحول إلى عجينة قبل أن تبتلعه ، حيث لا يوجد في فم قنفد النمل أي أسنان .

وفي نهاية فترة الحمل تتضخم العضلات على جانبي بطن الأنثى والتي عادة ما تكون مشدودة ، وكذلك تنتفخ الغدد اللبنية استعدادا لإدرار الحليب ،و تظهر الثنية التي ستصبح الجراب الذي يحيط بالبطن ذات الفراء الناعم . لقد حان الوقت كي تضع الأنثى بيضتها في عش من الفراء هو هذا الجيب ، فقنفد النمل حيوان جرابي مثل الكنغر .

وعند عملية وضع البيضة تجلس الأنثى على أرادفها وتنحني للأمام بحيث تكون فتحة التناسل فوق فتحة الجيب مباشرة ، وبسرعة تخرج البيضة من هذه إلى تلك .تستقر البيضة وهي كروية صغيرة بين الشعر الأملس في جراب الأنثى وتمسكها عضلات البطن بطريقة مأمونة فلا تنكسر قشرتها الناعمة أثناء تنقل الأم في الأحراش .

ألم أقل لكم إنه لغز عجيب  فليس أي حيوان يضع بيضا في جيب من الفراء وليس هناك أي طائر يحمل بيضه أثناء تنقله ..إنها ظاهرة خاصة بقنفد النمل فقط . وبعدها يخرج الصغير وهو عبارة عن جسم ضئيل شفاف يزن حوالي خمس جرام فقط ورغم ذلك فأقدامه الأمامية بما فيها من مخالب تكون كاملة النمو لتمكنه من الإمساك بشعر جيب الأم . ومكان العينين مجرد نقطتين سوداوين على جانبي الرأس . ومثل معظم الثدييات الوليدة يتحرك القنفد الوليد مدفوعا بالغريزة ليرضع الحليب فيسحب نفسه بين شعر الأم حتي يصل إلى قمة الجراب حيث توجد الحلمات وهي رحلة تزيد ست مرات عن طول جسم القنفذ الوليد.

وداخل الجراب يظل نمو الصغير في أيامه الأولى سرا لم يعرف العلماء تفاصيله ، فلا يعرفون مثلا كمية الحليب التي يرضعها والمدة التي يستغرقها في عملية الرضاعة كل يوم ولكنه ينمو بسرعة فبعد عشرين يوما من الولادة يصبح وزنه خمسين جراما ويبدأ الشعر والأشواك في الظهور على جلد الصغير ، و يصبح بالتالي وجوده في الجيب أمر غير مناسب ولابد من مغادرته .

فتبدأ الأم في حفر جحر بين جذور الأشجار أو تحت إحدى الصخور لتضع فيها صغيرها . حيث تتغير حياته تماما داخل هذا العش الذي يبقى فيه وحيدا ينتظر عودة الأم التي تقوم بإغلاق الجحر عليه لتحميه من الحيوانات الضارية . وتعود الام إلى الصغير بعد كل خمسة أو ستة أيام وتبقى معه ساعتين فقط يتمكن فيهما الصغير من تناول كمية من الحليب تمكنه من البقاء خمسة أيام كاملة بدون طعام .

أما متى يحين وقت الفطام فأمر لم يزل العلماء غير متحققين منه ولكنه عادة يحدث في شهور الصيف حينما يصل عمر الصغير إلى سبعة أشهر .

ويوم الفطام تعود الأم إلى الجحر وبدلا من أن ترضع الصغير داخله ثم تدفع به إلى الجحر وترضعه ثم تدفع به إلى الجحر مرة ثانية دون أن تغلقه عليه وتنصرف منذ ذلك اليوم بإذا عضه الجوع خرج يبحث عن غذائه بنفسه ويبدأ حياة مستقلة منفردة مثل الكبار . بقي أن نعرف أن أنثى قنفذ النمل تضع بيضتها الواحدة مرة كل أربع سنوات و هذا معناه أن أعداده تبقى قليلة دائما ولا يصبح هناك مجال لمنافسة مباشرة بين أفراده من أجل البقاء.

 إيمان الماجري

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *