سجل الصراع ضد الأوبئة

oyuf
 فانتازيا برس – إيمان الماجري

في تاريخ الطب الكثير من القصص المحزنة لانتشار الأوبئة التي هددت وجود الإنسان ، وعرضت البشرية لأخطار الفناء ،وغالبا ما اتسمت مقاومة هذه الأوبئة المدمرة بملامح الشجاعة والصبر والقدرة على الانتصار .

أقدم تلك الأوبئة تلك التي سجلت وقائعها ملحمة ” الإلياذة ” وكذلك ” الأوديسة ” بعد الحروب الطاحنة وانتشار أشلاء القتلى في ساحات المعارك المكشوفة وفي العراء. وتذكر البرديات الفرعونية مجموعة من الأوبئة الخطيرة منها سل العظام والبلهارسيا والإنكلستوما التي كانت تعصف بالناس ، وتحصد أرواحهم ، ما جعل أحدهم يسجل إلفة واقع الموت حيث يقول ” إن الموت اليوم أمامي ، مثل نهاية المطر ، مثل عودة رجل إلى البيت” و يتساءل المؤرخ ثيوسيد يدس عن السبب في اجتياح الطاعون لمدينة أثينا ، وعما إذا كان من بين الأسباب استنكاف أبقراط عن مهمة التدريس تحت أشجار الدلب المذكورة في أساطير الإغريق وتكررت هجمات الطاعون بشكل متتال في أرووبا خلال القرن السابع عشر ، وكانت الوسائل التي اتخذت آنذاك لصد الوباء ، ومنها فتح سجلات للموتى ، وإنشاء مراكز إيواء مؤقتة لعزل المصابين ، هي الأصل الذي نهض عليه علم الأوبئة الحديث epidemiologie .

وفي سجل الأوبئة نتذكر الحميات بكافة أشكالها وأنماطها وقائمتها طويلة لا حصر لها ، وكانت الحمى تعني أي مرض يصيب
العامة يرافقه ارتفاع شديد بالحرارة ، وتمثل النصر المؤزر على الحميات باكتشاف الأثر الناجع للحاء شجرة الكينا الذي استخدمه هنود البيرو لخفض الحرارة وانتقل لاحقا إلى أوروبا . واستحوذت أوبئة أخرى على شهرة عارمة في تاريخ الطب ومنها الجذام ، التيفوس ، الدفتريا ، الحمى الصفراء ،الجدري ، الملاريا ، الاسقربوط ، البلاجرا ، الزهري ، شلل الأطفال ، السل ، الكوليرا ، ودائما كان الحسم لصالح الإنسان والعلم ، وتبوء الهجمات الوبائية بالإنكفاء ، والكر والفر مستمرين .

آخر وبائين أحتلا مكانا بالقائمة الطويلة هما الإيدز وسارس ، ولن يكونا نهاية المطاف في صراع الإنسان ضد الأوبئة . وفيما تستمر جولة الصراع ضد أشرس وباء يهدد الإنسان ، و نقصد وباء الأيدز أو متلازمة عوز المناعة المكتسب والذي لم تفلح الأبحاث والعلوم على رغم التقدم الباهر في العثور على دواء ناجع أو لقاح يرده على أعقابه .

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *